تظهر زوجة الأب في حياة بعض الأبناء لأسباب مختلفة، إما بعد طلاق الوالدين، أو وفاة الأم، وفي حالات أكثر ندرة تظهر كزوجة ثانية.. وفي هذه الحالة الأخيرة بالذات، تكون زوجة الأب مكروهة بدرجة كبيرة جدا من جانب الأبناء.
[color=violet]لكن للأسف، شعور الأبناء بالرفض، بل والكراهية نحو زوجة الأب لا يكون دائما قائما على عيب حقيقي في شخصيتها أو على بدء بالعداوة والكراهية من جانبها، بل على العكس هناك الكثيرات ممن وجدن أنفسهن في هذا الموقف الذي لا يحسدن عليه، وحاولن بكل الوسائل التقرب بصدق من أبناء الزوج، لكنهن غالبا ما يجدن قلوبهم مغلقة في وجوههن، وشعور الكراهية هو الإحساس الوحيد المعد سابقا لهن داخل هؤلاء الأبناء.
[b]وتكون المشكلة أكبر وأكثر تعقيدا عندما يتعلق الأمر ببنات للزوج، أكثر بمراحل في الواقع مما قد تواجهه زوجة الأب مع أبناء ذكور للزوج، وهذا ليس إلا نتيجة طبيعية للغيرة الأنثوية، وإحساس الفتاة خاصة في فترة المراهقة أن والدها ملك لها وحدها، حتى إنها أحيانا تغار عليه من أمها نفسها!
وخلف الشعور الجاهز بالكراهية في قلوب الفتيات بالذات نحو زوجة الأب، هناك العديد من الأسباب، بعضها قد يختلف من حالة لأخرى، والبعض الآخر له علاقة للأسف بما تصدره لنا وسائل الإعلام، وخاصة قصص الأطفال والروايات والأفلام السينمائية والمسلسلات التليفزيونية من قالب ثابت لا يتغير يضع فيه المؤلفون دائما الزوجة الثانية.
فالطفلة منذ الصغر تنشأ على قراءة قصتي سندريللا والأميرة سنو وايت والأقزام السبعة... شبه مستحيل أن تجد طفلة لم تقرأ هاتين القصتين، وفيهما نموذجان بشعان لزوجة الأب.. فالأولى كانت تميز بشكل بشع بين بناتها وبين سندريللا ابنه زوجها، وكانت تعامل تلك الأخيرة كخادمة مجانية عليها القيام بكل أعمال المنزل، وارتداء ثياب رثة وتناول بقايا الأطعمة.
أما الثانية، فكانت الملكة المغرورة بجمالها، التي تغار من ابنة زوجها سنو وايت لأن المرآة السحرية تصر على أن الفتاة الصغيرة أكثر جمالا من زوجة أبيها، وهو الأمر الذي يدفع تلك الأخيرة إلى التصرف كساحرة شريرة تدبر كل الحيل الشيطانية طوال القصة للتخلص من ابنة زوجها وقتلها!
وقد اقتبست السينما المصرية هاتين الفكرتين، وقدمتهما بشتى الطرق والمعالجات في العديد والعديد من الأفلام، حيث تخصصت القديرات ميمي شكيب وشقيقتها زوزو شكيب وزوزو نبيل ونجمة إبراهيم وزوزو ماضي في أداء دور زوجة الأب الشريرة، بينما تخصصت نجماتنا الجميلات فاتن حمامة وصباح وشادية وغيرهن في أداء دور ابنة الزوج الجميلة المغلوبة على أمرها.
ولكي نكون منصفين، ليست الدراما والأدب هما المسئولان الوحيدان في تلك الفكرة السيئة المترسخة في أذهاننا عن شخصية زوجة الأب، فهناك كذلك عوامل من الواقع تساعد على ترسيخ تلك الفكرة في أذهان الأبناء، وخاصة في حالة طلاق الوالدين أو زواج الأب للمرة الثانية. هنا يكون المسئول الأول عن زرع الكراهية المسبقة في قلوب الأبناء تجاه زوجة الأب هو للأسف الأم، التي تدفعها الغيرة من تلك المرأة الأخرى أو الغضب من الرجل الذي لم يعد ملكا لها بعد الآن أو أصبحت تشاركها فيه إنسانة تراها هي معتدية ومغتصبة لحقوقها، إلى الإحساس بالمزيد من الخوف المرضي من فقدان حب أبنائها كذلك إذا اجتذبتهم تلك المرأة إليها، ونجحت في تكوين علاقة طيبة معهم. وتكون النتيجة هي ملء صدور الأبناء وآذانهم بالمعلومات المتحاملة والمغلوطة والمليئة بالكراهية والرفض عن زوجة الأب.. طبعا هو خوف مرضي لا أساس له، فليس هناك من يفضل امرأة أخرى مهما كانت على أمه!
الخلاصة التي نريد الوصول إليها ليست التأكيد بأن زوجات الأب ملائكة على الإطلاق، أو شياطين على الإطلاق. إنهن بشر طبيعيات، نساء عاديات منهن الفاضلات الطيبات، ومنهن القاسيات الشريرات. كل المطلوب منك إذا وضعك القدر في مواجهة زوجة أب، ألا تبدئي أبدا بالكراهية والعداء. امنحيها فرصة عادلة، وكوني حيادية نحوها، وانتظري لتري كيف ستتعامل معك، فإذا كنت مبتلاة بفقدان الأم، قد تجدين فيها تعويضا عما فقدت من رعاية وحنان، وإن كانت والدتك على قيد الحياة، فلا مانع من الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع زوجة الأب أو اكتسابها كصديقة إذا أمكن لأن هذا سيساعدك كثيرا في الاحتفاظ بعلاقة إيجابية مع والدك.
لكن إذا تأكد لك بعد منح العديد من الفرص، أن زوجة أبيك تصر على إساءة معاملتك، فلك كل الحق عندها في تكوين فكرة سيئة عنها