هل الجمال يحتاج إلى إعلان؟ تعالوا إيها الناس هنا يوجد الدر المدفون و اللؤلؤ المكنون، أين أنتم؟ هنا يختبئ ذهب أبيض لم يكتشفه أحد بعد، هنا يختفي زمرد و ياقوت، و كنز من الكنوز في تابوت، إنه يبعد عنكم ثانية واحدة، أو خطوة واحدة، أو لمسة سحرية واحدة، لتأخذوا منه كيف شئتم، إنه الجمال الوضاء و النور في فضاء، و نعومة كل البنات و النساء.
شيء عجيب أن نصل بالإسفاف لدرجة أن تعلن امرأة عن مظاهر جمالهـا، شيء مقيت أن تعدم الغيرة من الرجال المحيطين بها، شيء سيء أن ترى المال قد أنعم الله به على إنسان فيستخدمه نهارا جهارا لمحاربة الله و معصية الله. أهكذا تشكر النعم؟ ألهذا جعل الله المال في أيدي الناس ليصلوا إلى درجات من المجاهرة بالمعصية ما يخدش الحياء و يمرض القلب و يشجع التبرج و العودة للعصور الجاهلية و الوسطى؟ لم أكن أتصور أن يبلغ الحد في أحدهم أن يقول للناس هذه زوجتي انظروا و تأملوا في جمالها الخلاب، بل يعلن ذلك في الفضاء، فلابد أن هناك هدفا خفيا من وراء تلك الدعاوى، و لكن لا يهم، فكما قال أبو طالب، للعفاف رب أوجبه و هو يحميه من أقوام عاشوا في غياب مستغرب عن واقع الحياة، و مصير الحياة.
إنني لا أعبأ بمن بلغت به التفاهة مبلغها و لكنها معذرة إلى الله، كم أنت حليم يا رب، تعصى فتصبر، و تعفو و تغفر، لن تمطر السماء بالخيرات إن لم نطرق بابك، لن تتفتح أزهار الربيع إن لم نرجع إليك و ننزل بأعتابك. إننا لا نهتم بمن جاهر و تكبر فأنت من أعطيت و أنت من تمنع، و لكننا نتألم حيث أن مسلمين و إخوة لنا يموتون و يتألمون و يشردون من ديارهم و يضطهدون، ثم نحن ماذا صنعنا؟ ذهب بعضنا لينادي بالرذيلة، و يحث على إطلاق البصر في عورات أهله، يا إلهى ما أصعبها من كلمةٍ أن تُكتب، فكيف أن تعلن على الملأ ليقرؤوها، أم كيف بذلك الذي حدث، إنه شيء يقشعر منه البدن اشمئزازا، فاللهم لا تفتنا، و ردنا إليك ردا جميلا، و أمتنا مسلمين.
إن كان في الحديث اليوم نبرة ألم فهذه حال الدنيا، لن تكون سعادة دائمة لا ينتابها شعور بالكدر، رسول الله صلى الله عليه و سلم كاد يهلك نفسه حزنا على قومه أن اعرضوا عن دينه، لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين، و لقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون، فسبح بحمد ربك و كن من الساجدين، و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين.
سوف يأتي يوم يحاسب كل إنسان على عمله، إن خيرا فخير و إن شرا فشر، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره و من يعمل مثقال ذرة شرا يره. إن الدنيا قريبا ما سوف تنتهي، و يوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون و قال الذين أوتوا العلم و الإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث و لكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم و لا هم يستعتبون.
إنني أدعو من فعل فعلا مشينا في حق نفسه أولا أن يعتذر إلى ربه قبل أن لا ينفع الاعتذار، إنها أهوال و مصاعب و عرصات و قبر و ملائكة تقود جهنم، يتذكر يومها الإنسان و أنى له الذكرى. إن عليه أن يتوب قبل أن لا يكون دينار و لا درهم، فلقد قال الله: يا عباد إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيرا فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
سوف نمضي في طريق العزة لا يوقفنا أحد، سوف نرى الشباب و البنات يفخرون بدينهم و يسطرون أروع الأمثلة في الصدق، لن نعود للوراء لنخفض رؤوسنا أبدا، الله ولينا قد أرانا ما يسرنا و ما بشرنا بخير قادم، إن أفسد من أفسد فالشمس ستسطع و نورها باقي و لن يتمكن الغمام أن يصمد طويلا، لو استمر ساعة أو يوما أو أسبوعا أو أكثر من ذلك، فسوف ينقشع ليضيء نور الشمس من جديد.
ضحكت الشمس من هذا، و لماذا لا تضحكين، فأنت مصدر إلهام جعله الله لنا في هذا الكون، سيجعل الله لك مثلا في قلب المؤمن، يأتي إليه الناس دون إعلان، لأنه الجمال الصافي الخالص المتعلق بالسماء، و بالحياة الخالدة، في جنات النعيم...